وادعوا عليه أنه علم كذب الشهود لزمته اليمين في ذلك باتفاق إن حققوا عليه الدعوى في ذلك، وعلى اختلاف إن لم يحققوا عليه الدعوى وأرادوا أن يحلفوه بالتهمة في ذلك فإن نكل عن اليمين حلف ورثة الميت إن كانوا حققوا عليه الدعوى ولزمه غرم الدية مع الشاهدين يكون كل واحد منهم حميلا عن صاحبه بما يجب عليه منها.
وأما قوله: إن الغرم على الشاهدين فإن تعمدا ففي أموالهما وإن شبه عليهما فعلى عواقلهما فهو خلاف قوله في أول سماع عيسى من كتاب الشهادات إن ذلك في أموالهما تعمدا الزور أو شبه عليهما، وفي المسألة قول ثالث أنهما إن تعمدا اقتص منهما، وإن شبه عليهما كانت الدية في أموالهما، وهو قول ابن نافع وأشهب، وروى ذلك عن علي بن أبي طالب، وقول رابع أنهما إن تعمدا كانت الدية في أموالهما وإن شبه عليهما كان ذلك هدرا، وهو قول ابن الماجشون والمغيرة وابن دينار وابن أبي حازم وغيرهم.
وأما قوله إنه إن صالح الأب من ذلك على مال ثم قدم ابنه أن الأب يغرم ما أخذ إن كان له مال، فإن لم يكن له مال اتبع به دينا ولم يكن على الشاهدين شيء فهو على قياس قوله في أن القاتل لا يلزمه غرم الدية إلا برضاه، ويأتي على قياس قول أشهب وأحد قولي مالك في أنه مجبور على غرم الدية أن يرجع على الشاهد في عدم الأب فيغرمان ويتبعان الأب وبالله التوفيق.
[مسألة: شهدا على قتل رجل خطأ فأخذ الأب الدية من العاقلة ثم جاء ابنه حيا]
مسألة وسئل ابن القاسم عن شاهدين شهدا على قتل رجل خطأ فأخذ الأب الدية من العاقلة ثم جاء ابنه حيا، قال: يرد الدية الذي أخذ من العاقلة لأنه وإن كان شهد له بمال فقد جاء من ينتزعه من يديه؛ لأنه لا شيء له أصلا وقد تبين أن ما شهد به ليس كما شهد، قيل: فوجد الأب معدما، قال: يغرمه الشاهدان.