قال محمد بن رشد: تفرقة مالك في هذه المسألة بين المأمون وغير المأمون استحسان على غير قياس، والقياس في ذلك ما حكى ابن حبيب وابن المواز عن أشهب أنه قال: ويقع بقلبي أن ذلك ليس للمأمون ولا لغير المأمون، قال غير ابن حبيب: مستعربيا كان أو غير مستعربي قال عنه: فلا يخرج به إلا برضاه لأنه ملك من نفسه ما يملك الشريك، قال ابن حبيب: وأما لو أراد الانتقال به إلى قرية يسكنها فإن كانت من الحواضر فذلك له وإن كره العبد، وفي المسألة قول ثالث أن له أن يسافر به مأمونا كان أو غير مأمون ويكتب له كتابا إن لم يكن مأمونا، وهو قول مالك في رسم طلق ابن حبيب من سماع ابن القاسم من كتاب الأقضية وقد مضى القول على ذلك هنالك فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق.
[مسألة: يحملون الطعام من القمح في السفينة الواحدة يختلط بعضه ببعض]
مسألة وسئل عن القوم يحملون الطعام من القمح في السفينة الواحدة يختلط بعضه ببعض ثم يريد بعضهم البيع في الطريق، فقال: لا أرى ذلك له إلا أن يرضى أصحابه أن يعطوه؛ لأني أخاف أن يكون أسفل الطعام فاسدا أو يمطروا بعد ذلك فيفسد القمح فلا أرى لأحد منهم أن يأخذوا حتى يبلغوا حده فيقتسمونه الفاسد والجيد إلا أن يرضى أصحابه أن يسلموا له حقه فأرى ذلك له ولا أرى لهم عليه تباعة إذا نزلوا فوجدوا القمح فاسدا.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنهم حملوا الطعام في السفينة على أن يمروا به لبلد واحدة لتجارة أو لغير تجارة فلذلك لم ير لواحد منهم أن يأخذ طعامه إذا كان قد اختلط بمنزلة أن لو كانوا خلطوه وحملوه على الشركة لأن اختلاطه يوجب اشتراكهم فيه وذلك بخلاف ما لو حملوه على