قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قالا؛ لأنه إذا اشترط تعجيل بعض الكراء ولم يسمه لشهر أو لشهور بأعيانها من أول العام أو من آخره وجب أن يحمل على جميعها ويفض عليها كلها، ويأخذه عند انقضاء كل شهر ببقية واجبة، وبالله التوفيق.
[: نبت الحب المخبوء في الأرض بعد انقضاء الإجارة]
ومن كتاب المجالس وسأله رجل من أهل الريف، فقال: إني كنت زرعت أرضا لي كمونا فلم ينبت، وأبطأ نباته عن إبانه حتى لم يشك الناس أنه قد هلك البذر الذي بذرت من بعض غمرات الماء، أو برد، أو غير ذلك، ويئست من نباته، وأكريت، أرضي تلك من رجل غرس فيها مقثاة فنبتت المقثاة والكمون معا نباتا واحدا، ما ترى في ذلك؟ قال أصبغ: أرى الكمون لك والمقثاة لغارسها، ويفض الكراء الذي اكتريت به الأرض على قدر انتفاعكما بها، أنت في كمونك، والمكتري في مقثاته، فما أصاب الكمون من ذلك سقط عن المكتري من الكراء.
قيل له: أرأيت إذا أضر الكمون بالمقثاة وغمها حتى نقصها في نباتها وحملها، فقال ربها: اقلع عني الكمون فإنه قد أضر بي، وأبطل مقثاتي، أذلك له؟ قال: ليس ذلك له، فإن كان ذلك كذلك ونقصت المقثاة من سبب الكمون وضع عنه من حصته من الكراء مقدار ما نقص من المقثاة من قليل أو كثير؛ لأن هذا من سبب الأرض، قال: وكذلك إن أبطلها كلها وأحرقها كان مصيبتها منه، ورجع بالكراء كله فأخذه، أو سقط عنه بمنزلة ما لو غرسها فلم تنبت أصلا فلا كراء لرب الأرض؛ لأن الهلاك جاء من سبب الأرض.