قال محمد بن رشد: مساقاة العدل للحائط الذي وضع على يديه، ككرائه للدار التي وضعت على يديه سواء، فإذا أكرى الدار من المرتهن، أو ساقاه في الحائط، جاز ذلك؛ لأن كون ذلك في يديه بالمساقاة أو الكراء، أبين في الحوز من كونه بيد غيره بذلك، ولا يلزم الراهن ذلك، إلا أن يرضى به؛ إذ من حقه أن لا يساقي فيه، وأن يستأجر عليه من ماله، فيكون جميع الثمرة له.
وأما قوله: إن الذي وضع الحائط على يديه، لا يأخذ مساقاة من ربه، إلا برضاهما جميعا، ففيه نظر؛ إذ لا فرق بين عقد المساقاة في ذلك، وبين عقد الكراء، ولا بين أن يعقد ذلك الراهن بالعدل، أو مع غيره، فلا يجوز أن يلي الراهن عقد المساقاة، وإن أذن له في ذلك المرتهن؛ إذا كانت الثمرة له، وأما قوله: إن الذي وضع الحائط على يديه للراهن، لم يشترطها المرتهن في رهنه، قياسا على عقد الكراء، وإنما يلي العقد في ذلك، مع العدل المرتهن إذ أرضى الراهن صاحب الحائط، بأن يساقي؛ إذ من حقه أن يستأجر عليه من ماله، فيكون جميع الثمرة له، ولا يساقي فيه، حسبما ذكرناه، فقوله: إلا برضاهما جميعا معناه: مع أن يكون المرتهن منهما هو الذي العقد فيه معه، وقد مضى فوق هذا من هذا السماع، وفي رسم الرهون، من سماع عيسى تحصيل القول فيمن يلي عقد الكراء في الرهن، وهو بين ما ذكرناه في هذه المسألة، وبالله التوفيق.
[مسألة: يرهن العبد بمائة دينار ثم يجرح العبد فيخير السيد في أن يسلمه أو يفتديه]
مسألة
وعن رجل يرهن العبد بمائة دينار، ثم يجرح العبد، فيخير السيد في أن يسلمه أو يفتديه، فيسلمه، هل يحل عليه الدين إذا فات الرهن وهو مليء بالحق؟ فقال: لا يحل عليه الحق، قلت له: فكيف يكون؟ أيكون عليه الدين إلى أجله، قال: نعم.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ إذ لا يحل عليه الدين بإسلام العبد الرهن بجنايته؛ إذ لا يلزمه أن يفتكه، فلم يتعد فيما صنع، إلا أن من