يرجع إلى المسجد الذي ابتدأ فيه، وهو المشهور في المذهب. ومن أصحابنا من يقول إنه يتم صلاته في أقرب المساجد إليه، وهو الذي يدل عليه تعليله بأن الجمعة لا تصلى في البيوت.
وجه القول الأول أن المسجد شرط في صحة الجمعة، فإذا دخل في الجمعة في مسجد ما تعين عليه إتمام الصلاة في ذلك المسجد. ووجه القول الثاني أنه لا يتعين عليه إلا إتمام الصلاة في مسجد لا في ذلك المسجد بعينه.
ويدل تعليله أيضا على أن الجمعة لو أقيمت في مسجد سوى المسجد الجامع لأجزأت خلاف ما ذهب إليه القاضي أبو الوليد من أن ذلك لا يجوز إلا أن تنتقل إليه الجمعة على التأبيد.
[مسألة: نسي صلوات كثيرة فذكرها في وقت صلاة]
مسألة قال ابن القاسم فيمن نسي صلوات كثيرة فذكرها في وقت صلاة، إن كانت صلاة يوم وليلة فأدنى بدأ بها ثم صلى الصلاة التي حضرته وإن فات وقتها، وإن كانت أكثر من ذلك بدأ بالصلاة التي حضرته ثم قام فقضى ما فاته.
قال محمد بن رشد: جعل في هذه الرواية حد الصلوات الكثيرة الذي يبدأ بما حضر وقته عليها ست صلوات فزائدا، وروى ابن سحنون عن أبيه أن حدها خمس صلوات فزائدا، وقد قيل إن حدها أربع صلوات فزائدا على ظاهر ما في المدونة.
والصواب أن حدها أكثر ما قيل في ذلك وهي الست الصلوات للاتفاق على أنها كثيرة؛ لأن ظاهر قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها» ، يقتضي بحمله على عمومه، إذ الصلاة من ألفاظ العموم، أن يبدأ بالفوائت، قلت أو كثرت ساعة يذكرها قبل ما هو في وقته، فلا يخصص من هذا العموم إلا ما يتفق على تخصيصه منه وهو الكثير، وبالله التوفيق.