يجوز العفو عنه بعد بلوغه إلى الإمام، وإن كان من حقوق الآدميين جاز العفو عنه، والصحيح أنه من حقوق الآدميين بدليل أنه يورث عن المقذوف وحقوق الله تعالى لا تورث، ولأنه لا يستحق إلا بمطالبة الآدمي، والله اعلم، هذا نص قوله في المعونة، وفيه نظر فالصحيح ما ذكرناه.
[: المدمن على الخمر الذي قد خلع أيجلد الحد كلما أخذ]
ومن كتاب الحدود والأشربة وسألته عن المدمن على الخمر الذي قد خلع أيجلد الحد كلما أخذ؟ قال: نعم رأيي أرى أن لو ألزم السجن إذا كان مدمنا خليعا، وقد سجن عامر بن عبد الله بن الزبير ابنا له حتى جمع كتاب الله فيه، فأتى فقيل له: قد جمع كتاب الله فخله، فقال ما من موضع خير له من موضع جمع فيه كتاب الله فأبى أن يخليه فأرى ذلك عليه.
قال محمد بن رشد: قوله في المدمن على الخمر إنه يجلد الحد كلما أخذ، هو أمر متفق عليه في المذهب، وعليه جماعة فقهاء الأمصار، وما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من رواية معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وجرير بن عبد الله البجلي أنه يقتل في الرابعة وقول عبد الله بن عمرو بن العاص ايتوني برجل أقيم عليه الحد ثلاث مرات فإن لم أقتله فأنا كذاب، «وما روى عن أبي سليمان مولى أم سلمة أن أبا الرمدا البلوي أخبره أن رجلا منهم شرب الخمر فأتوا به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فضربه، ثم شرب الثانية، فأتوا به فضربه، فما أدري قال في الثالثة أوفي الرابعة فأمر به فجعل على العجل ثم ضربت عنقه» تعلق به من شذ من أهل العلم، والذي عليه جماعة العلماء أن ذلك منسوخ، بدليل ما روي عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه، فأمر في الرابعة بالجلد أيضا ولم يأمر