وما هذا التضييق على الناس؟ فهو يبين ما قلناه في معنى قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أدوا الخياط والمخيط» . من أنه كلام خرج على التقليل، كقوله في الأمة إذا زنت في الثالثة بيعوها ولو بضفير. وكقوله:«من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة، بنى الله له بيتا في الجنة» . ومثل هذا كثير.
[مسألة: يحمل رمحه وسلاحه في الغزو ومعه من يحمله له]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يحمل رمحه وسلاحه في الغزو ومعه من يحمله له، فقال: لا بأس بذلك، فقيل له ويحمله غلامه فقال لا بأس بذلك، ولعله يكون ذلك خيرا له؛ وأقوى له إن احتيج إلى قتاله ألا يتعب نفسه، فما أرى بذلك بأسا، وأراه حسنا يحمله غلامه ويحمله عنه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن ذلك جائز لإكراهه فيه، بل هو حسن من الفعل؟ لما فيه من إبقاء قوته لوقت لقاء العدو، وقد أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس بالفطر في رمضان في سفره عام الفتح، وقال: تقووا لعدوكم. فالتقوي للعدو بكل ما يقدر عليه مرغب فيه ومندوب إليه، وبالله التوفيق.