للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى من الدين. وتخرج في الصدقة على الكبار قولان: أحدهما: إن الصدقة أولى من الدين وإن كان الدين مؤرخا. والثاني: إن الصدقة أولى من الدين، إلا أن يكون الدين مؤرخا فيكون أولى من الصدقة. ومن باع دارا ثم وهبها، أو تصدق بها، أو حبسها ولم يعلم، كان البيع أولى أو الهبة أو الصدقة أو الحبس، فالبيع أولى. وقع ذلك في كتاب الهبات من الصدقة، وتخرج في ذلك على القول باعتبار التاريخ قول آخر، وهو أن البيع أولى إلا أن تكون الهبة أو الصدقة أو الحبس مؤرخا، فيكون أولى من البيع، وهذا إذا لم يقبض. وبالله التوفيق.

[مسألة: يسأل امرأته في مرضه أن تضع عنه مهرها]

مسألة قال: وسألت: عن الرجل يسأل امرأته في مرضه أن تضع عنه مهرها، أو تصدق عليه بشيء من مالها، فتفعل ذلك، ثم أرادت بعد موته، أو بعد أن صح من مرضه، أن تصدق عليه بشيء من مالها، فتفعل، ثم أرادت بعد موته، أو بعد الرجوع فيه، هل ترى ذلك لها بمنزلة الميراث؟ قال ابن القاسم: لا، ليس لها ولا يعجبني ذلك لها، صح أو مات، قضي فيه بشيء أو لم يقض، صرفه إلى موضع أو لم يصرفه، وليست الديون ولا الصدقات في هذا بمنزلة المواريث. وهذا وجه الشأن فيه وهو قول مالك، ورواها أصبغ.

قال محمد بن رشد: لا اختلاف في أن ما وهبت المرأة لزوجها من مالها أو من صداقها عليه في مرضه، أو في صحته، لازم لها، وجائز عليها، ليس لها أن ترجع في شيء منه في حياته، ولا بعد وفاته، إلا أن يكون أكرهها على ذلك بالإحافة والتهديد، أن يسألها ذلك، فتأبى، فيقول: والله لئن لم تفعلي ذلك لأضيقن عليك، ولا أدعك تأتي أهلك، ولا أدع أهلك يأتونك،

<<  <  ج: ص:  >  >>