حيازته، وإمضاء صدقته، ولا ترد إلا بيقين أن الدين الذي ظهر، كان قبلها، وقول ابن القاسم أظهر؛ لأن حيازة الأب للصغير لا تعلم إلا من قبله، فإذا قال: قد حزت لابني قبل قوله مع السلامة من الدين، فإذا لم يتحقق أن كان يوم أشهد أنه قد حاز لابنه ما تصدق به عليه، سالما من الدين الذي ظهر عليه بعد ذلك، أو غير سالم منه، وجب أن ألا يقبل قوله، وأن يقضي للغرماء بهذا المال، الذي يعلم ماله له، حتى يعلم خروجه عن ملكه قبل ديونهم، فلا تبطل ديونهم إلا بيقين، إلا أن استدلاله على صحة قوله في إبطال حيازة الأب على ابنه الصغير، صدقة عليه بالدين، بطلان حيازته لما تصدق به، إذا لم يعلم إن كان الدين الذي ظهر قبلها أو بعدها لا يصح؛ لأنه من الاستدلال بالفرع على أصله، والحكم بثبوت الأصل قبل تسليمه.
فمسألة المدبر المتفق عليها هي الأصل، وهذه المسألة المختلف فيها هي الفرع، وحق الفرع أن يرد إلى الأصل بالعلة الجامعة بينهما، ولا اختلاف بينهما في أن الكبير إذا حاز ما تصدق به عليه لا يخرج صدقته من يديه، لا يتحقق أنه قبلها، فإن تحقق أن الدين قبلها، ردت الصدقة باتفاق. واختلف في العتق، فقيل: إنه يرد، وقيل: إنه لا يرد، وقيل: إنه يرد إلا أن يطول، وقد تأول أن ذلك ليس باختلاف من القول، وأن ذلك يرجع إلى أنه يرد، إلا أن يطول.
وقد مضى ذكر هذا في رسم الأقضية الأول، من سماع أشهب من كتاب المديان والتفليس. ولا يعبر عند ابن القاسم بتاريخ أحدهما، إذا جهل الأول منهما، ويعتبر به على ما حكاه ابن حبيب في الواضحة عن مالك وأصحابه، حاشا المغيرة، فتخرج على هذا في الصدقة على الصغار، أربعة أقوال: أحدها: إن الصدقة أولى من الدين، وإن كان الدين مؤرخا. والثاني: إن الصدقة أولى من الدين، إلا أن يكون الدين مؤرخا، فيكون أولى من الصدقة. والثالث: إن الدين أولى من الصدقة، وإن كانت الصدقة مؤرخة. والرابع: إن الدين أولى من الصدقة، إلا أن تكون الصدقة مؤرخة، فتكون