وقول ثالث في المسألة على ذلك حمله ابن حارث في كتاب الاتفاق والاختلاف له. ولمالك مثل قول ابن القاسم أنه لا شيء له في رسم أسلم ورسم أوصى ورسم بع من سماع عيسى من كتاب الوصايا.
ووجه ذلك: أنه قد كان مجمعا على أن يوصي ولا يدري لو أوصى هل كان يفضل من الثلث شيء أم لا، ولا تكون الوصايا بالشك كما لا يكون الميراث بالشك.
ووجه قول أشهب: أنه لما لم يوص بشيء بعد أن جعل لهذا ما بقي من الثلث فقد أبقى له جميع الثلث؛ فلكلا القولين وجه.
وأما أن يكون له ثلث الثلث على ما وقع لأشهب في بعض الكتب فهو بعيد لا حظ له في النظر، ولو قيل: إنه يكون له نصف الثلث لكان قولا له وجه؛ لأنه يقول لي جميع الثلث؛ لأن الميت لما لم يوص فيه بشيء فقد تركه كله لي، ويقول له الورثة: لا شيء لك إذ لم يوص فيعلم ما يبقى لك بعد وصاياه، فيقسم بينهما الثلث بنصفين على هذا الوجه، وبالله التوفيق.
[: قال خذوا من مالي مائة فأنفقوها في داري التي حبست في سبيل الله فاستحقت الدار]
من سماع عبد الملك من ابن وهب قال عبد الملك: سألت ابن وهب: عمن قال: خذوا من مالي مائة فأنفقوها في داري التي حبست في سبيل الله، فاستحقت الدار؟ قال: ترد المائة إلى الورثة، قيل له: فإن كانت أنفقت في الدار؟ قال: إن أنفقت أو أنفق بعضها رد جميعها إلى الورثة.
قال محمد بن رشد: يريد أنه كما ترد إذا لم ينفق إلى الورثة، فكذلك يرد إليهم ما أخذ من المستحق إن كانت قد أنفقت؛ لأنهم لما كان لهم أن يأخذوا من المستحق ما أنفقه في الدار أو قيمة البنيان قائما على الاختلاف المعلوم في ذلك فكأن المائة قائمة، وبالله التوفيق.