بخلاف ما عليه العمل قال: وقال مالك: كان رجال من أهل العلم يتحدثون بأحاديث وتبلغهم عن غيرهم فيقولون: ما نجهل هذا، ولكن مضى العمل على غير هذا، قال مالك: كان القاسم بن محمد لا يكاد يرد على أحد في مجلسه شيئا، قال: فتكلم ربيعة يوما فأكثر فصمت عنه، قال يحيى: فانصرف وانصرفت معه فتوكأ علي ثم قال: [لا أبا لشأنك] أرأيت ما كان يذكر هذا منذ اليوم؟ أين كان الناس عنه أترى الناس كانوا غافلين عما كان؟ يقول، يريد بذلك استنكارا لما كان من القول.
قال محمد بن رشد: هذا معلوم من مذهب مالك أن العمل المتصل بالمدينة مقدم على أخبار الآحاد العدول؛ لأن المدينة دار النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وبها مات وأصحابه متوافرون، فيبعد أن يخفى الحديث عنهم ولا يمكن أن يتصل العمل به من الصحابة إلى من بعده على خلافه إلا وقد علموا النسخ فيه، وكذلك القياس عنده مقدم على خبر الآحاد إذا لم يمكن الجمع بينهما، والحجة في ذلك أن خبر الواحد يجوز عليه النسخ والغلط والسهو والكذب والتخصيص، ولا يجوز على القياس من الفساد إلا وجه، وهو أن هذا الأصل هل هو معلول بهذه العلة أم لا؟ فصار أقوى من خبر الواحد، فوجب أن يقدم عليه، وبالله التوفيق.