أرض الحبشة، وذكر ابن عبد البر في كتاب الصحابة له: أَنها أَولُ من هاجرت مع زوجها إلى أَرض الحبشة. وذكر في كتاب الدرر له: أَن أول من خرج من المسلمين فارّاً بدينه إلى أَرض الحبشة عثمان بن عفان مع زوجته رقية بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم رجع أَبو سلمة مع زوجته أم سلمة المذكورة من أرض الحبشة إلى مكة في جملة من رجع إليها، لمَّا كان اتصل بهم من أن قريشاً قد أَسلمت أَو أَكثرها خبراً كاذباً، ثم هاجر أبو سلمة ثانية من مكة إلى المدينة، وحبست عنه امرأته أم سلمة سنة، ثم أَذن لها باللحاق بزوجها، فانطلقت مهاجرة، فكانت أول ظعينة قدمت المدينة على ما قاله مالك في هذه الرواية. والرجل الذي شيعها من قريش حتى رآها تحل المدينة وكان كافراً هو عثمان بن طلحة، وذكر ابن عبد البر في كتاب الصحابة من رواية محمد بن مسلمة المغني عن مالك قال: هاجرت أم سلمة وأم حبيبة إلى أرض الحبشة ثم خرجت مهاجرة إِلى المدينة، وخرج معها رجل من المشركين، وكان ينزل بناحية منها، إِذا نزلت، ويسير معها إذا سارت، ويرحل بعيرها ويتنحَّى إذا ركبت، فلما رأى خيل المدينة قال: هذا الأرض التي تريدين ثمَّ سلَّم عليها وانصرف. والذي في هذه الرواية من أنها إِنما خرجت من مكة مهاجرة يريد بعد رجوعها إليها من أرض الحبشة هو الصحيح، والله أَعلم.
[تفسير بَكّةَ ومكَّة]
في تفسير بَكّةَ ومكَّة
قال: وسئل مالك: عن تفسير مكة وبَكة؟ فقال: بكة موضع البيت، ومكة غيره من المواضع، يريد القرية.
قال محمد بن رشد: أَراه أخذ ذلك والله أعلم من قوله عزَّ وجلّ؛ لأنه قال في بَكَّة:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا}[آل عمران: ٩٦] وهو إِنَّما وضع بموضعه الذي وضع فيه لا فيما سواه من