وسلم- المدينة مهاجرا من مكة. وذلك أن المسلمين بالمدينة لما سمعوا بخروج رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مكة كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرونه حتى يؤذيهم حر الظهيرة فينقلبون، فانقلبوا يوما، فلما أووا إلى بيوتهم رقي رجل من اليهود على أطم لأمر يريده، فبصر برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه يزول بهم السراب مبيضين، فلم يملك اليهودي أن صاح بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرونه، فثار المسلمون إلى سلاحهم وبلغوا رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الإثنين في شهر ربيع الأول، وطفق من جاء من الأنصار ممن لم يكن رأى رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحسبه أبا بكر، حتى إذا أصابت الشمس رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقبل أبو بكر حتى أظل على رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بردائه، فعرف الناس عند ذلك رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبالله التوفيق.
[حكاية عن أبي هريرة رضي الله عنه]
ُ - قال مالك: وحدثني من أصدق عن أبي هريرة أنه كان يقول: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}[النصر: ١]{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}[النصر: ٢] ثم يقول: والذي نفسي بيده لقد دخلوا في دين الله أفواجا، وإنه ليخرجون منه أفواجا.
قال محمد بن رشد: إنما قال ذلك أبو هريرة حين توفي رسول الله