فإن كان لما يدخل بين العيال والصبيان فهذا حق، وإن كان أراد التنحي عنه فهو أشد، فكذلك هذه المسألة، لا حنث عليه إلا أن يكون أراد مجانبته والتنحي عنه، وهو معنى بين.
[مسألة: حلف بالمشي إلى الكعبة ليقضين فلانا ثم هلك الذي حلف عليه]
ومن كتاب سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسألة وسئل عن رجل حلف بالمشي إلى الكعبة ليقضين فلانا، ثم هلك الذي حلف عليه، قال مالك: إن كان إنما حلف على وجه القضاء، فلا أرى عليه شيئا، قال ابن القاسم: ورأيت معنى قول مالك: إن كان أراد أن يوصله إليه وبتله في يديه، وتلك نيته، فهو حانث إذا كان قد أقام بعد اليمين ما لو شاء أن يوصله إليه أوصله إليه، قال ابن القاسم: وذلك رأيي.
قال محمد بن أحمد: وهذا كما قال: إن كان إنما حلف على وجه القضاء، فلا حنث بموت المحلوف عليه؛ لأنه يبر بقضاء الورثة، وإن أراد أن يحنث نفسه، ويمشي إلى البيت، كان ذلك له؛ لأن يمينه على حنث، وإن كان أراد أن يوصله إليه وبتله في يديه، فهو حانث كما قال إذا كان قد أقام بعد اليمين، ما لو شاء أن يوصله إليه أوصله، فإن أراد أن يحنث نفسه هاهنا، ويمشي إلى بيت الله كان ذلك على مذهب ابن القاسم، ولم يكن ذلك عند ابن المواز؛ لأن موت المحلوف عليه عنده كالأجل؛ فلا يجزئه المشي إلا بعد موته، فإن لم تكن نية، فلا يحنث بموت المحلوف عليه، ويحمل يمينه على وجه القضاء حتى يريد أن يوصله إليه، وبتله في يديه، هذا مذهب مالك