وعمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وجماعة من السلف.
والوجه في إجازة ذلك، قصر الحديث على صدقة التطوع؛ لأنه خرج عليه، وذلك «أن عمر بن الخطاب كان حمل على فرس في سبيل الله، أراد أن يبتاعه من الذي كان عنده برخص، إذ كان قد أضاعه، فسأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك، فقال له: لا تشتره - وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته، كالكلب يعود في قيئه» .
وأيضا فإن الصدقة التي أعطى فيها القيمة، لم تتعين بعد للمساكين، ولا وصلت إليهم، فاشتراها منهم؛ وإنما اشتراها من الناظر لهم فيها، فهذا وجه تخفيف ذلك - والله أعلم.
[مسألة: الساعي يأخذ من قوم ظلما هل لهم أن يحسبوا في صدقاتهم]
مسألة قال: وسئل مالك عن الساعي يخرج - قبل إبان خروجه، فيأخذ من قوم ظلما، أترى أن يحسبوا في صدقاتهم؟ قال: لا - وهو ظلم ظلموا به، وعليهم الصدقة إذا حل الحول.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة، وفي رسم "الجواب" من سماع عيسى؛ وقد روى ابن وهب وابن أبي أويس عن مالك مثله، ورويا عنه أيضا أنه قال: تجزئه، وتلا قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ}[الشورى: ٤٢] ؛ والقول الأول هو القياس؛ لأن الزكاة لا تجب إلا بمرور الحول، فإذا أخذها قبل الحول فهي مظلمة لا تسقط الزكاة الواجبة عليه بمرور الحول، وقد روى زياد، وابن نافع، عن مالك أنه سئل عن رجل أخذت منه زكاة مال لم تجب فيه الزكاة، أيجوز أن يجعله زكاة مال قد وجبت فيه الزكاة؟ قال: لا أرى ذلك، وهذا مثل الذي تؤخذ منه الزكاة قبل الحول، ووجه القول الثاني مراعاة قول من يقول: إن الزكاة تجب في المال ساعة يستفاد قبل أن يحول عليه الحول) ولو أخذت منه زكاة زرع لم يبد صلاحه، لوجب ألا يجزئه باتفاق؛ إذ لا خلاف في أن الزرع لا تجب زكاته حتى يبدو صلاحه، وقد روى زياد، وابن نافع، عن