قال محمد بن رشد: قد روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة، إلا أن تفترق كلمتهم» . ولهذا وقع سؤال مالك عن خير السرايا، فأنكر سؤال السائل؛ إذ لم يعرف الحديث، قد روي، فإذا اتفق أن تكون السرية أربعمائة، والجيش أربعة آلاف، كان الخير لهم مرجوا والنصر لهم مأمولا أكثر من غيرهم - وإن زاد عددهم - إن شاء الله.
[مسألة: خيبر افتتحت عنوة أم بقتال]
مسألة وقال مالك: لما غزا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر غشيها في برد شديد، فقال أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنا لا نستطيع القتال، فقال لهم - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لم؟ فقالوا البرد والجوع والعري، فقال الرسول - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اللهم افتح عليهم اليوم أكثرها طعاما وودكا» ، ففتح الله عليهم خيبر.
قلت لمالك: أفرأيت خيبر افتتحت عنوة أم بقتال؟ فقال: افتتحت بقتال شيء يسير منها.
قلت: فخمست؟ قال: نعم خمست، إلا ما كان منها عنوة أو صلحا، فإن ذلك لم يخمس وهو يسير.
قلت له: العنوة والقتال أليس بواحد؟ فقال لي: إنما أردت الصلح، وقد سمعت ابن شهاب يقول: افتتحت عنوة منها بقتال،