ومن كتاب شهد على شهادة ميت وسئل عن المرأة يغيب عنها زوجها العشرين سنة، مثل طنجة أو إفريقية، فتشكو مغيب زوجها إلى القاضي وتركه إياها، ما يصنع بها؟ قال ابن القاسم: قال لي مالك: إن عمر بن عبد العزيز، قضى فيها أن يكتب إلى زوجها، إما أن يقدم إليها، وإما أن يحملها إليه، وإما أن يفارقها. وقال مالك: وأنا أرى ذلك وآخذ به، وأرى أن يقضى به. قلت: فما حد الغيبة، قال: أما الحين، يعني الأمر القريب، فيما ظننت، السنتين والثلاث، وأما إذا تطاول ذلك، فأرى أن يقضى عليه به. قال لي مالك: ويغرم نفقة ما أنفقت وهو غائب، إذا كان لا يبعث إليها بنفقة.
قال محمد بن رشد: قد تقدم القول على هذه المسألة في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم. فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا، وبالله التوفيق.
[يطلق امرأته وهي حائض فيؤمر برجعتها فيرتجعها وهو يريد أن يطلقها]
ومن كتاب الرهون
وقال: في الذي يطلق امرأته وهي حائض، فيؤمر برجعتها، فيرتجعها وهو يريد أن يطلقها إذا طهرت من الحيضة الأخرى، هل يصيبها إذا طهرت من ذلك الحيض؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: وهو الذي يؤمر به أن يفعله؛ لأنه إنما يؤمر بالارتجاع للوطء ولو ارتجعها وهو ينوي أن يطلقها إذا طهرت الثاني دون أن يصيبها ففعل، لكان مضارا لها آثما فيها؛ لأن قول الله عز وجل:{وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١] ، إنما نزلت في هذا المعنى كان الرجل يطلق امرأته ويمهلها، حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ولا حاجة له بها، ثم