الثلث، فإن كان صحيحا لزمه ذلك، ولم يكن له فيه رجوع.
قال في المدونة: وإن كان عليه دين، كان للغرماء رد ذلك، وإن كان مريضا فمات من مرضه: كان ذلك في ثلثه، على حكم هبة البتل في المرض، فإذا أجاز وصية أبيه بجميع ماله بعد موته وهو مريض، وأوصى بثلثه لرجل، فمات من مرضه، ولا مال له غير ما ورث عن أبيه، ولم يترك أبوه إلا ثلاثمائة دينار، وجب أن يتحاص في ثلث المائتين التي ورثها عن أبيه الذي أوصى له هو، والذي أوصى له أبوه، يضرب الذي أوصى له هو بثلث المائتين؛ لأنه أوصى بثلث ماله، ويضرب فيها الذي أوصى له الأب بجميع ماله بمائتين؛ لأنه وهبها له في مرضه، إذا جاز وصية أبيه له بها، فوجب أن تكون في ثلثه، وفي هذا اختلاف، قد قيل: إن هبة البتل تبدأ على الوصية، اختلف في ذلك قول مالك حسبما بيناه في رسم طلق بن حبيب، من سماع ابن القاسم، وقول عيسى بن دينار: إن إجازته إن كانت في الصحة، ثم مرض، فأوصى بثلث ماله، فليس ذلك المال له بمال، إذا كان قد قبضه المتصدق به عليه أولا قبل موت هذا أو مرضه، فإن لم يقبضه حتى مات أو مرض، فلا شيء له؛ لأنها صدقة لم تحز صحيح، يبين أن الورثة إذا أجازوا أكثر من الثلث؛ أن الزائد على الثلث لا يجري مجرى الوصية التي لا حيازة فيها، وإنما يجري مجرى الصدقة إن لم تحز بطل، وأشهب لا يراها كالهبة، ويراها له قبضها قبل موت المجيز، أو لم يقبضها، وهو ضعيف، وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى لرجل بأربعين دينارا ينفق عليه منها ما يكفيه كل سنة]
مسألة وسئل عن رجل أوصى لرجل بأربعين دينارا ينفق عليه منها ما يكفيه كل سنة، فمات الموصي ووقف ماله لينظر في ثلثه، وليجمع ما كان منه مفترقا، فمضت سنة أو نحوها، ولم يجمع ما كان منه متفرقا، ومات الذي أوصى له بالنفقة قبل أن يصل إليه شيء، قال: يعطى ورثته نفقة ما عاش، وترد البقية على الورثة.