وجل:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] : إنهم أمراء المزايا، وقد مضى طرف من هذا المعنى في أول سماع أشهب.
[مسألة: يحاصرون حصنا من حصون العدو فيدعوهم العدو إلى أخذ الجزية]
مسألة وسئل ابن وهب عن القوم يحاصرون حصنا من حصون العدو، فيدعوهم العدو إلى أخذ الجزية منهم، هل ترى للمسلمين أن يقاتلوهم إذا دعوهم إلى أخذ الجزية؟ فقال: إذا كان ذلك العدو الذين دعوا إلى الجزية هم بموضع لا يصل المسلمون إليه إلا بخوف شديد على أنفسهم، فإني أرى أن يقول لهم المسلمون: الحقوا بدار الإسلام تؤدوا الجزية، فإن أبوا قوتلوا، وإن كانوا بموضع يقدر المسلمون على الاختلاف إليهم، ولا يخافون على أنفسهم كفوا عن قتالهم، وأخذوا الجزية منهم.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنهم إذا كانوا بموضع لا يصل المسلمون إليهم إلا بخوف على أنفسهم لم يأمنوا إن انصرفوا عنهم أن ينكثوا عليهم، ويكون ما سألوه مكيدة منهم، وأيضا فإن من شرط الجزية أن تؤدى بذل وصغار، كما قال عز وجل:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩] ، وإن كانوا بائنين بدارهم لا يصل المسلمون إليهم إلا بخوف شديد على أنفسهم، لم يلزم قبول الجزية منهم، وهم على هذه الحال إذا لم يبذلوها على ما شرطه الله عليهم فيها، وبالله التوفيق.