قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إن كان أوجبها في سبيل الله، وأراد بذلك الغزو، فلا ينبغي له أن يصرفها عما أوجبها فيه إلى غير ذلك من وجوه البر، فإن فعل لم يكن عليه ضمانها، مراعاة لقول من يقول من أهل العلم: إن للرجل الرجوع في صدقته ما لم يدفعها وكانت بيده، ولذلك قال ابن القاسم: لا يعجبني، ولم يقل: لا يجوز، وكان القياس على مذهب مالك ألا يجوز له أن يصرفها عما أوجبها فيه من السبيل، إلى غير ذلك، ولم يأثم إذا فعل ذلك، إلا أن يضمنها في ماله فيجعلها في السبيل، ولا يحكم عليه بذلك؛ إذ ليست لمعين؛ وأما إن لم تكن له نية في الغزو، فقد قال أشهب: القياس في أي سبيل الخير وضع جاز، والاستحسان أن يجعل في الغزو؛ لأنه جل ما يعنون به من قال ذلك، وأحب إلي أن يكون في سواحل المسلمين المخوفة من العدو، ولا أحب أن يجعل شيئا منها في موضع قلة الخوف، وبالله التوفيق.
[مسألة: يقول إن فعلت كذا وكذا فكل شيء لي لوجه الله فحنث]
مسألة وسئل عن الرجل يقول: إن فعلت كذا وكذا، فكل شيء لي لوجه الله فحنث، هل يدخل عليه في رقيقه عتق أم لا؟ أم هل يقومهم فيخرج ثلث قيمتهم، فيتصدق بها من ثلث ماله، أم كيف الأمر في ذلك، ولم يقل صدقة لوجه الله، قال: لا أرى فيهم عتقا، إلا أن يكون أراد العتق.
قال محمد بن رشد: إنما لم ير عليه في رقيقه عتقا؛ لأنه لم يحلف بعتق رقيقه، وإنما خلف بأن يخرج كل شيء من ماله لوجه الله، فكان مخرج ذلك الصدقة بجميع ماله إذا لم يخص شيئا من ذلك دون شيء بالتسمية،