جميعا من غير ذي الهيئة عوقب القائل أشد من عقوبة الأول يبلغ به فيها السجن، وإذا كان القائل من ذوي الهيئة والمقول له من غير ذوي الهيئة عوقب بالتوبيخ ولا يبلغ به الإهانة ولا السجن، وإذا كان القائل من غير ذوي الهيئة والمقول له من ذوي الهيئة عوقب بالضرب، فهذا وجه الحكم في هذه المسألة، وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل يقول للرجل لا أب لك]
مسألة وسئل عن الرجل يقول للرجل لا أب لك، قال: لا شيء عليه إلا أن يكون أراد نفيا، وإن هذا لمما يتكلم الناس به على الرضى ليستكثر الناس الكلام، فأما إن قال ذلك في غضب ومشاتمة فذلك شديد.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأنه كلام ظاهره السب والمراد به المدح، وذلك مثل قولهم للذي يأتي بالشيء الغريب الحسن: فعل فلان كذا وكذا قاتله الله، ومثله قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ما له ضرب الله عنقه أليس هذا خيرا له» لا يريد بذلك الدعاء عليه ومثله قوله: تربت يمينك وما أشبه ذلك.
[مسألة: شرب النبيذ إن كان حلوا]
مسألة وسئل مالك: أترى للمرء أن يجتنب شرب النبيذ وإن كان حلوا؟ فقال: لا أرى أن يشرب الرجل النبيذ لا في البيت ولا خارجا وإن كان حلوا فإني لأحب تركه وإني لأنهى أهل المدينة لا يتخذونه ولا ينتبذونه مخافة أن يعرض نفسه لسوء الظن.
قال محمد بن رشد: كذا وقع في بعض الروايات إلا ليتخذونه ولا ينتبذونه ومعناه أن يتخذونه وينتبذونه لأن اللام زائدة، ومثل هذا في