قال القاضي: قوله كل ذلك من عند البناء، يريد: أن كل ما يحتاج إليه في بنيانها من نقض وقراميد وجص وغير ذلك من عنده.
وقد تأول بعض الشيوخ أن العرصة أيضا من عند البناء، لقوله: إن البناء أولى بها، أي: بالدار، إذ لم يفرق بين أن تكون من عنده أو قد أسلمها إلى المفلس، وهو من التأويل البعيد؛ لأن العرصة إذا كانت من عند البناء فالبيع أملك بما تعاملا عليه من الإجارة، وهو قد سماها إجارة.
وقوله: إن البناء أولى بها - يحتمل أن يريد: أن البناء أولى بالدار مبينة حتى يستوفي جميع أجرته.
ومعنى ذلك: إذا كانت الدار بيده لم يسلمها بعد إلى صاحبها المفلس؛ لأنها كالرهن بيده وإن لم يخرج فيها شيئا من عنده غير عمل يده.
ويحتمل أن يكون إنما تكلم على أنه قد أسلم الدار إلى المفلس، فيكون معنى قوله: إنه أولى بها - أنه أولى بقيمة ما أخرج من عنده في بنيانها من نقض وصخر وآجر وقرميد وغير ذلك، كان مما يمكن قلعه وأخذه أو مستهلكا مما لا يمكن ذلك فيه، يكون بذلك كله شريكا للغرماء في العرصة مبنية بقيمته يوم الحكم إلا أن يشاء أن يترك حقه في ذلك ويحاص الغرماء بجميع أجرته، أو يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه جميع أجرته ويستخلصوا الدار، وهو أولى ما حملت عليه المسألة، لقوله فيها كل ذلك من عند البناء، فدل على أنه إنما قال: إنه أولى بها من أجل ذلك؛ إذ لو كانت الدار بيده لم يسلمها بعد لكان أحق بها في أجرته وإن لم يخرج فيها شيئا من عنده غير عمل يده.
وإذا شارك الغرماء في الدار مبنية بقيمة ما أخرج فيها من عنده لم يكن له في قيمة عمل يده شيء على ظاهر قوله في رسم العرية من سماع عيسى، والقياس على أصله أن يحاص بذلك الغرماء.
وقد قيل: إن من حقه أن يقوم عمل يده مع ما أخرج من عنده فيكون بذلك شريكا في الدار، وهو الذي يأتي على ما في سماع أبي زيد في مسألة النسج، وبالله التوفيق.
[مسألة: يشتري الضأن عليها الصوف فيجزها ويزيد في ثمنها ثم يفلس]
مسألة وقال ابن القاسم، في رجل يشتري الضأن عليها الصوف