وهو بالبقيع، فأسرع المشي إلى المسجد. وكذلك إن كان الرجل راكبا لا بأس أن يحرك دابته ليدرك الصلاة، قاله في آخر رسم "يسلف بعد هذا"، ومعناه ما لم يخرج بذلك عن حد السكينة والوقار كالماشي سواء، وبالله التوفيق.
[مسألة: دخل مع قوم في صلاتهم وهو يظن أنها ظهر فتبين له أنه العصر]
مسألة وسئل مالك عن رجل دخل مع قوم في صلاتهم، وهو يظن أنها ظهر، فلما ركع ركعة أو ركعتين سلم إمامهم، فتبين له أنه العصر، قال: يقطع صلاته بتسليم، ثم يستأنف الظهر ثم يصلي العصر؛ لأنه لا ينبغي أن يصلي نافلة، ولم يصل الفريضة. وإن كان الإمام سلم وقد صلى معه ركعة أو ثلاثا، فليشفع بأخرى، ثم يسلم، ثم يبتدئ صلاتيه كلتيهما.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في المذهب أنه لا يجوز للرجل أن يأتم في صلاته بمن يصلي غير تلك الصلاة؛ لأن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة إمامه، وإنما الاختلاف فيمن ائتم به من يصلي تلك الصلاة بعينها على غير الصفة التي يصليها هو كالسفر والحضر، أو الظهر والجمعة، على ما سيأتي بعد هذا في هذا الرسم، وفي رسم "استأذن"، من سماع عيسى، وفي أول سماع سحنون.
ولهذا قال في هذه المسألة في الذي دخل مع القوم، وهو يظن أنها ظهر ركع ركعتين، وسلم إمامهم تبين له أنها العصر، إنه يقطع صلاته بتسليم ثم يستأنف الصلاتين؛ لأنه لو أتم الصلاة معه لم تجده باتفاق، ولوجب عليه إعادتها أبدا. وقوله في آخر المسألة: وإن كان الإمام سلم، وقد صلى معه ركعة أو ثلاثا، فليشفع بأخرى خلاف قوله في أولها: إنه يقطع من الركعة والركعتين؛ لأنه لا ينبغي له أن يصلي نافلة، ولم يصل الفريضة، فهما قولان قالهما مالك في وقتين، فأخطأ المؤلف بأن جمع بينهما، فنسق القول الثاني على الأول كأنه تفسير له، فالقول الأول على ما ذهب إليه ابن حبيب من أنه من ذكر