[مسألة: يكون بينه وبين الرجل الدار فيحلف ألا يبيعه صفقة ثم يريد بيعه]
مسألة وسئل عن الرجل يكون بينه وبين الرجل الدار، فيحلف بيمين غليظة ألا يبيعه صفقة، ثم يريد بيعه بعد ذلك، فيقول: إني إذا بعت أخذ صاحبي بالشفعة، فهل ترى عليه حنثا؟ قال: أرى أنه لا يبيعه ممن يظن أنه إنما يشتريه له أو من ناحيته. فقال: لا، ليس هو منه بسبيل إلا رجل يشتري لنفسه أخذ ذلك أو ترك، إلا أنه يقول الحالف: علي في يميني شيء إن أخذ، فقال: لا شيء عليه، وذلك أن تباعة بيعه على الذي يأخذ منه، ولو أراد أن يجعل تباعته على شريكه الأول وكتابة عهدة شرائه عليه، لم يكن ذلك له، فلا أرى عليه شيئا في يمينه.
قال محمد بن رشد: هذا بين أنه إذا لم يكن الذي باع منه وكيل شريكه المحلوف عليه، أو من هو بسببه وناحيته كالصديق، والملاطف وشبهه ممن هو في عياله أنه لا حنث عليه؛ لأنه لم يره في المدونة حانثا، وإن اشترى للمحلوف عليه، فكيف إذا اشترى لنفسه فأخذه ذلك منه المحلوف عليه بالشفعة، فإن كان وكيله أو من سببه، فباع منه ولم يعلم بذلك، فنص في المدونة في الوكيل على أنه إذا لم يعلم أنه له وكيل، فلا حنث عليه، وكذلك قال أشهب فيمن هو بسببه أنه إذا باع ولم يعلم أنه من سببه، فلا حنث عليه، روى ذلك عن مالك.
وقد تأول بعض الناس على ما في المدونة أنه حانث، وإن لم يعلم أنه من سببه، بخلاف الوكيل وهو بعيد؛ إذ لا فرق في ذلك بين الوكيل وبين من هو بسببه، والله أعلم، وعلى تعليله في هذه المسألة بالتباعة أن يحنث إن اشترى للمحلوف عليه لا لنفسه، وإن لم يكن من سببه؛