[مسألة: الرجل يتوضأ وييبس ثيابه ثم تأتيه امرأته فتغلبه على نفسه]
مسألة وسئل عن الرجل يتوضأ وييبس ثيابه ثم تأتيه امرأته فتغلبه على نفسه حتى تقبله وهو يشتمها ويكره ذلك منها ولا يجد له لذة ولا شيئا ولا يحب ذلك منها وهو له كاره، أترى عليه الوضوء؟ قال: نعم أرى عليه الوضوء، ولقد استفتاني ابن النبل عن ذلك فأمرته بالوضوء. قيل له: فمس ساقها أو عضدها ألا ترى عليه الوضوء؟ قال: نعم إلا أن لا يجد لذلك لذة ولا شيئا والوضوء يسير. قال مالك: وقد قالت عائشة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كنت أغرف أنا ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من إناء» . قال مالك: ولا خير في هذا التقزز والتنجس إنما هو من الشيطان، ولم أر أحدا كان أخف وضوءا من ربيعة. قال مالك: وكان يقال: إن الشيطان إذا يئس أن يطاع أو يعبد أتى الإنسان من هذا الوجه.
قال محمد بن رشد: أما إيجابه الوضوء عليه من القبلة وإن لم يلتذ بها ولا قصد الالتذاذ بها فهو دليل ما في المدونة، وقول أصبغ في الواضحة، ولا يحمله القياس؛ لأن القبلة من الملامسة التي عناها الله بقوله تعالى:{أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[النساء: ٤٣] . والمعنى في وجوب الوضوء بها عند من أوجبه هو وجود اللذة بها وما يخشى من أن تكون اللذة قد حركت المذي من موضعه وأخرجته إلى قناة الذكر، فإن لم يلتذ بها ولا قصد الالتذاذ بها فالأظهر أن لا وضوء عليه، وهو قول مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم في الواضحة. ووجه ما في الرواية من إيجاب الوضوء فيها وإن لم يلتذ بها