ومن كتاب الطلاق الأول وسئل: عمن قال لامرأته: أنت طالق إن دخلت على أختك بيتها أبدا حتى تأتيك هي وبناتها، فماتت أختها قبل أن تأتيها فأرادت شهودها والذهاب إلى بيتها.
فقال: قد ماتت، فلا أرى بأسا أن تذهب إليها، ولا أرى عليه طلاقا إذا كان بناتها قد جئنها، هي الآن من أهل القبور.
قال محمد بن رشد: كان القياس في هذه المسألة أن يحنث بدخولها عليها وهي ميتة قبل أن تأتيها وهي ميتة وإن كان بناتها قد جئنها إذا كانت قد أقامت قبل أن تموت لمكنها فيه الإتيان، كمن قال: امرأتي طالق إن فعلت كذا وكذا حتى يفعله فلان فمات قبل أن يفعله، وقد أقام ما لو شاء أن يفعله فعله أن اليمين عليه باقية، ولما قال في رسم حمل صبيا من سماع عيسى في الذي يقول لامرأته: أنت طالق إن دخلت بيت أبيك حتى يقدم الحاج وشبه ذلك، وفي سماع أصبغ من كتاب العتق في نحو ذلك، وكمن حلف ليضربن عبده فمات العبد قبل أن يضربه، وقد أقام ما لو شاء أن يضربه أنه حانث، إذ لا اختلاف فيمن حلف ألا يدخل على فلان بيتا أبدا أنه حانث إن دخل عليه بيتا، وإنما اختلف إذا حلف ألا يدخل عليه بيتا ما عاش فدخل عليه بعد أن مات، وقد مضى وجه الاختلاف في ذلك في سماع أشهب من كتاب النذور.
ووجه ما ذهب إليه مالك في هذه المسألة: أنه حمل يمينه على معنى ما ظهر إليه من إرادته، وهو أنه أراد ألا تبتدي أختها بالدخول عليها مع قدرتها هي على الإتيان إليها، ومعنى قوله: هي الآن من أهل القبور، أي: