ويكون المشتري أحق بركوبه في السبيل من غيره، وإن كان بتله له، فلم يأمره أيضا أن يشتريه له، وإنما أمره أن يشتريه لنفسه؛ فهو بنفس الشراء يجب للمشتري كالآمر؛ فإن سمي له الثمن، لم يكن لكراهة ذلك وجه؛ لأنه بمنزلة من قال لرجل اشتر لنفسك فرس فلان بعشرة مثاقيل والثمن علي؛ وإذا لم يسم له الثمن، دخلته الكراهية، إذ لا يدري المأمور بما رضي الآمر أن يشتريه به، ولعله سيقول له إذا اشتراه لم أرد أن يشتريه بهذا الثمن؛ وقد كنت قادرا على أن تشتريه بأقل مما اشتريته به، فتعديت علي وقصدت إلى الإضرار؛ فيقع في ذلك بينهما خصومات، فهذا وجه الكراهية في ذلك عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
[مسألة: فرس اعتل على صاحبه بأرض العدو]
مسألة وسئل مالك عن فرس اعتل على صاحبه بأرض العدو، قال مالك: يعقره ولا يتركه واثقا ذبحه.
قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه المسألة والقول فيها في رسم "حلف بطلاق امرأته" قبل هذا، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
[يعطى الفرس في سبيل الله أو السلاح هل يقبله]
ومن كتاب
أوله أخذ يشرب خمرا
قال: وسئل مالك عن الرجل يعطى الفرس في سبيل الله، أو السلاح؛ أترى أن يقبله؟ قال: إن كان غنيا عنه، فلا أرى له ذلك؛ وإن كان محتاجا إليه، فلا أرى به بأسا.
قال محمد بن رشد: قد تقدم في رسم طلق ذكر اختلاف أهل العلم في الأفضل في ذلك للغني على أن ينفقه إن احتاج، وإلا جعله في السبيل، وأما المحتاج، فالاختيار له قبول ما أعطي في السبيل من غير مسألة قولا واحدا.