في الظهار أجزأه، ولا ينبغي له أن يفعل ذلك، ويؤيد هذا القول ما روي من «أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطى المظاهر عدنا في قدره خمسة عشر صاعا؛ ليكفر به عن ظهاره.» خرجه الترمذي. وإن قول مالك يختلف: إن الرقبة فيه مومنة، حملا على آية القتل، فكذلك يجب أن يجزي فيه مد لكل مسكين، حملا على آية كفارة اليمين. وأيضا فإن الذمة برية، ولا ينبغي أن يثبت فيها بشيء إلا بيقين، والله أعلم. وقد قيل في مد هشام: إنه مدان، وقيل: مد وثلث، والله أعلم.
[قال لأمته أنت أحرم علي من أمي]
ومن كتاب سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ابن القاسم: قال مالك في رجل قال لأمته: أنت أحرم علي من أمي، فأراد أن يطأها فقال: لا يطأها حتى يعتق رقبة. قال ابن القاسم: وقد نزلت عندنا في رجل قال لامرأته: أنت علي حرام مثل أمي، فكتب بها إلى أحمد يسأله، فأجاب مالك فيها: إنه ظهار.
قال محمد بن رشد: هذا المعنى مكرر في غير ما موضع، من ذلك ما في سماع أشهب من هذا الكتاب، ومن كتاب الإيلاء، وما في سماع عيسى من هذا الكتاب، ومن كتاب التخيير والتمليك، ومن كتاب الأيمان بالطلاق، وما في سماع يحيى وأصبغ، وأبي زيد من هذا الكتاب. وتحصيل القول في هذه المسألة أن التحريم بذوات المحارم كلهن من نسب أو صهر أو رضاع ظهار، سمى الظهار أو لم يسمه، إلا أن يريد بذلك الطلاق، فيتخلف في ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك ظهار، وهو قول ابن الماجشون. والثاني: أن ذلك طلاق، وهو قول ابن القاسم، ولا ينوى عنده في المدخول بها، وينوى عند سحنون. والثالث: أنه إن سمى الظهر فهو ظهار، وإن لم يسمه فهو طلاق، وهو قول مالك في رواية أشهب عنه، وأن التحريم بالأجنبيات طلاق إن أراد به الطلاق، وإن لم يرد به الطلاق، أراد به الظهار أو لم يرده، فيختلف فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه طلاق، وهو قول ابن الماجشون. والثاني: أنه ظهار، وهو قول ابن القاسم في رواية أبي زيد عنه، والثالث: الفرق بين أن يسمي الظهر أو لا يسميه، وهو قول ابن القاسم في المدونة، وبالله التوفيق.