الثلث في ذلك حجة؛ إذ لم يوص له إلا بما بعد قيمته، نفذت له الحرية أو لم تنفذ، وإنما كانت تكون له في ذلك حجة، لو أوصى له بمال، فلم يحمل الثلث العبد والوصية بالمال، مثل أن يكون ترك الميت مائتي دينار، وأوصى بعتق عبد قيمته مائة دينار، وأوصى لرجل بمائة دينار، فأبق العبد، وقيمته مائة دينار، فإن الواجب في هذا أن يوقف للموصى له ثلث ما بقي بعد العبد، فإن انكشف أنه كان حيا يوم أعتق رد ما وقف إلى الورثة؛ لأن العتق قد نفذ فيه، وقيمته الثلث، فسقطت الوصية بالمال، لتبدئه العتق عليه، وإن انكشف أنه كان ميتا يوم أعتق بطل العتق فيه، وكان ما وقف للموصى له، وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى أن يخدم فلانا عبده عشر سنين ثم هو حر]
مسألة قال: وسألته عن رجل أوصى أن يخدم فلانا عبده عشر سنين، ثم هو حر، وأوصى بوصايا عتق وغير ذلك، متى يقوم المخدم أيوم أوصى له، أم يوم مات سيده؟ أم قيمته بعد عشر سنين؟ قال: قال مالك: تكون قيمة الذي أعتق بعد خدمة عشر سنين يوم تنفذ الوصايا، وينظر فيها، فإن كان في الوصايا عتق رقيق له بدئوا عليه، فإن فضل، يخرج المخدم فيها، ووصايا من أوصى له، أنفذت، وإن قصر الثلث عن المخدم، خير الورثة بين أن ينفذوا ما أوصى به من عتق المخدم إلى أجله، وإنفاذ الوصايا، وإن أبوا عتق من المخدم ما حمل الثلث بتلا، وسقطت الوصايا من الخدمة فيه، وعجل له العتق ساعتئذ، ولا يؤخر، وإن كان المخدم بعد من بتل له العتق، هو كفاف الثلث، أخرج وتحاص أهل الوصايا والمخدم في خدمته، على ما فسرت لك في المسألة الأولى.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة صحيحة على الأصول؛ لأن القيمة في الوصايا إنما تكون يوم النظر في تنفيذها، لا اختلاف في ذلك أيضا،