قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول فيها مستوفى في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الجعل والإجارة وفي سماع أصبغ منه أيضا، فلا معنى لإعادته.
[مسألة: الرجل يدفع إلى الخياط ثوبا يخيطه له والثوب ملفوف في منديل]
مسألة وأخبرني موسى بن الفرج عن أشهب في الرجل يدفع إلى الخياط ثوبا يخيطه له والثوب ملفوف في منديل، فيضيع المنديل عند الخياط، قال: فقال لي أشهب: إن كان ثوبا شريفا مثله يحتاج إلى وقاية، فإنه للمنديل ضامن، وإن كان ثوبا لا يحتاج إلى وقاية لغلظه فهو فيه مؤتمن ولا ضمان عليه فيه.
قال محمد بن رشد: أما إذا كان الثوب غليظا لا يحتاج مثله إلى وقاية فلا اختلاف في أنه لا ضمان عليه في المنديل الذي لف فيه، وأما إذا كان شريفا مثله يحتاج إلى وقاية، فقال أشهب في هذه الرواية: إنه يضمنه، وقال ابن حبيب: إنه لا ضمان عليه فيه، قال: لأن الثوب يستغني عنه ولا يضطر إلى أن يلف فيه، وقال محمد بن المواز مثله إنه لا ضمان عليه فيه إلا أنه علل بأن المنديل لم يكن له فيه عمل، فعلى قول ابن حبيب يضمن الصيقل الجفن، وإن لم يكن له فيه عمل إذ لا يستغني السيف عن جفنه، ويضمن الفران القصاع التي أتي إليه بالخبز فيها إذا تلفت قبل مزايلة الخبز منها، وقد نص على ذلك في القصاع، ويأتي على قول ابن المواز أن الفران لا يضمن القصاع التي أتي إليه بالخبز فيها إذا تلفت، إذ لا عمل له فيها، ولا يضمن الصيقل الجفن إذ لا عمل له فيه، وقد فعلى ذلك في جفن السيف يضيع عند الصيقل ويضمن على مذهبهما جميعا الصانع المثال الذي يعمل عليه والوراق الأم التي يكتب منها، والطحان الأعدال التي يحمل إليه الطعام فيها، إذ لا يستغني الصانع في عمله عن المثال، ولا الوراق في نسخه عن الأم ولا الطحان في طحينه عن الأعدال، وقد نص على ذلك ابن حبيب في الأعدال، وقد قال في