مسعود وابن عباس في خاصة أنفسهم عن أكل الجبن إلا ما أيقنوا أنه من جبن المسلمين وأهل الكتاب خيفة أن يكون من جبن المجوس، ولم يفتوا الناس به ولا منعوهم من أكله، فمن أخذ بذلك في البلد الذي فيه المجوس مع أهل الكتاب فحسن، وأما السمن والزيت فكما قال لا يجب أن يمتنع من أكله إلا أن يعلم بنجاسة آنيتهم فإن شككت في نجاستها فالتورع أفضل.
[مسألة: ما ذبح أهل الكتاب لأعيادهم وكنائسهم]
مسألة وقال مالك: ما ذبح أهل الكتاب لأعيادهم وكنائسهم وأعدوه فلا أحب أكله، ولست أراه حراما. قال ابن القاسم: ولا يعجبني أكله. قال عيسى: لا أرى به بأسا، وابن وهب مثله. سحنون: كل ما ذبحوا لأعيادهم فلا يحل أكله، وما ذبحوا لأنفسهم فلا بأس به.
قال محمد بن رشد: كره مالك ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم لأنه رآه مضاهيا لقوله عز وجل: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[الأنعام: ١٤٥] ، ولم يحرمه إذ لم ير الآية متناولة له وإنما مضاهية له؛ لأن الآية عنده معناها ما ذبحوا لآلهتهم مما لا يأكلون، ورأى سحنون الآية متناولة له فحرمه، وأجازه من أجازه لأنه من طعامهم الذي يأكلونه، وقد قال عز وجل:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥] ، وقد مضى هذا المعنى في سماع عبد المالك من كتاب الضحايا فقف على ذلك وبالله التوفيق.