في المسألتين لا يقدر صاحبه على أخذه من أرض صاحب الأرض، وهذا مثل ما في المدونة سواء؛ لأن معنى قوله فيها فحمل السيل زرعه إلى أرض رجل آخر، فنبت فيه، معناه: فحمل السيل بذره إلى أرض رجل آخر فنبت فيه، إذ لا ينبت الزرع وإنما ينبت البذر، وبدليل هذه الرواية أيضا؛ لأنه نص فيها على أن السيل إنما ذهب بالبذر لا بالزرع بعد نباته، وقد اختلف إذا ذهب السيل بالزرع إلى أرض الرجل بعد أن نبت وظهر على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لصاحب الأرض أيضا، وعليه قيمته مقلوعا، إن كانت له قيمة، روي ذلك عن سحنون.
والثاني: أنه لربه، وعليه كراء الأرض ما لم يجاوز كراؤها الزرع فلا يكون عليه أكثر منه، يريد أنه يكون مخيرا بين أن يتركه لرب الأرض، وبين أن يكون له ويكون عليه كراء الأرض.
قاله سحنون في كتاب المزارعة، وقال في كتاب ابنه: ولا يكون كالمخطئ، والمخطئ كالعامد، ولا يكون أسوأ حالا من المكتري للأرض مدة فتتم المدة، وله فيها زرع أخضر، وقد علم حين زرع أنه لا يطيب في المدة. فقال مالك: له الزرع وعليه كراء زيادة المدة.
والثالث: أنه إذا لم يكن فيه منفعة فهو للذي جره السيل إليه، وإن كانت فيه منفعة وله قيمة فهو لصاحبه وعليه كراء الأرض، روى ذلك ابن وضاح عن سحنون، وقد قيل: إنه إذا جره السيل وهو بذر قبل أن ينبت أنه لصاحبه وعليه كراء الأرض وهو بعيد، وبالله التوفيق.
[مسألة: أجَّر الحمَّام برقيقه فمات الرقيق قبل انقضاء المدة]
مسألة وسئل: عن الرجل يكون له الحمام، وفيه الرقيق يقومون بأمره، فأكراه رجلا سنة برقيقه فماتت الرقيق إلى ستة أشهر،