للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليسير الذي تفسده النجاسة اليسيرة، وإن لم تغيره على هذا قولان. وفرق ابن القاسم أيضا بين حلول النجاسة في الماء الكثير، وبين موت الدابة فيه على ما مضى في رسم "النسمة" ومساواة ابن القاسم في هذه الرواية بين ما يؤكل لحمه، وما لا يؤكل لحمه من الدواب في أن القطرة منه تفسد الماء اليسير ليس على أصل المذهب، إذ لم يختلف قول مالك في أن أبوال الأنعام، وأرواثها طاهرة، وكذلك كل ما يؤكل لحمه في المشهور عنه، وهو مذهبه في المدونة، فإنما راعى ابن القاسم في هذه الرواية مذهب أبي حنيفة الذي يرى أن أبوال جميع الحيوان، وأرواثها نجسة كانت تؤكل لحومها أولا تؤكل؟ وأن اليسير من ذلك ينجس الماء وإن كثر، وقوله في لعاب الكلب والدابة والفرس والحمار: إنه لا يفسد الماء، هو على ما في المدونة من أنه لا بأس بأسآرها، وقد قال مالك في الكلب يوكل صيده، فكيف يكره لعابه؟

[مسألة: الجب من ماء السماء تقع فيه الفارة أو الحية وما أشبه ذلك]

مسألة وسئل ابن القاسم عن الجب من ماء السماء، تقع فيه الفارة أو الحية، وما أشبه ذلك مما لا يعيش في الماء من دواب الأرض، أو يقع فيه الروث فيوجد فيه الروث طافيا على الماء رطبا أو يابسا، فقال مالك: لا خير فيه. قال ابن القاسم: أما الروث يقع في الجب فيوجد طافيا على الماء، فلا بأس به.

قال محمد بن رشد: تسهيل ابن القاسم في الروث يوجد في الجب طافيا على الماء، هو الصحيح على أصل المذهب في أن النجاسة لا تفسد الماء الكثير، إلا أن تغير أحد أوصافه، ومساواة مالك بين ذلك وبين موت الفارة أو الحية فيه في أنه لا خير في ذلك، ينحو إلى مذهب أهل العراق في أن

<<  <  ج: ص:  >  >>