وحلبه، هل عليه أن يعيد غسل يديه بالماء قبل أن يدخلها في الإناء، أم يجزيه الذي كان حين استنجى أولا؟ فقال: نعم عليه أن يغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء. ولو انتقض وضوؤه بريح يخرج منه رأيت له أن يعيد غسل يديه أيضا قبل أن يعيدهما في وضوئه، وهو قول مالك في هذا، وإنما هذا يستحب له، ويؤمر به، وليس ذلك عليه بواجب. وقال أشهب: إن كان أصاب يده نجس غسل ما أصاب يده من ذلك النجس، وإن لم يكن أصابها شيء توضأ، ولم يكن عليه غسل يديه مرة أخرى، وعهده بغسلهما قريب، وإن كان غسله إياهما كان بعيدا، فإني أرى أن يبتدئ وضوءه ويغسلهما.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول على هذه المسألة موعبا في أول رسم "الوضوء والجهاد" من سماع أشهب، فمن أراد الوقوف عليه تأمله هناك.
[مسألة: المبطون إذا كان لا يقدر على الوضوء]
مسألة وسئل ابن وهب عن المبطون إذا كان لا يقدر على الوضوء، هل ترى بأسا أن يتيمم، فقال: نعم، لا أرى بذلك بأسا. وسألته عن المائد في البحر إذا كان لا يقدر على الوضوء، هل ترى أن يتيمم؟ قال: لا أرى بذلك بأسا.
قال محمد بن رشد: قول ابن وهب هذا: إن المبطون والمائد في البحر إذا لم يقدرا على الوضوء يتيممان هو مثل ما لمالك في المدونة؛ لأن ذلك مرض من الأمراض، والمريض إذا لم يقدر على مس الماء، وإن كان واجدا له يتيمم على مذهبه فيها، وهو الذي يأتي على قول من حمل آية التيمم على تلاوتها، وجعل فيها إضمارا، ولم يقدر فيها تقديما ولا تأخيرا،