يوصي لمكاتبه بوضع نجم من نجومه وسئل عن رجل أمر رجلا أن يدفع سلعة إلى صباغ يصبغها فجحدها الصباغ وقال: لم تدفع إلي شيئا، وقال المأمور دفعت إليك، قال ابن القاسم: المأمور ضامن إذا جحد الصباغ، قلت: أرأيت لو قال الصباغ إنه دفع إليه وزعم أنه قد ضاع والصباغ عديم ولا بينة للمأمور بالدفع إلا وقول الصباغ: أيأخذ صاحب السلعة قيمة سلعته من المأمور ويتبع المأمور الصباغ إذ ليس له بينة على الدفع إلا قول الصباغ؟ قال: لا ولكن ضمانها على الصباغ.
قال محمد بن رشد: أما إذا جحد الصباغ فلا اختلاف في أنه ضامن لأنه متعد إذ لم يشهد، وسواء كان الوكيل مفوضا إليه أو غير مفوض إليه. قال بعض أهل النظر: معنى هذه المسألة أنه أمره أن يدفعه إلى صباغ بعينه، يريد أنه لو كان غير معين لصدق في الدفع مع يمينه وإن أنكر القبض كالمساكين الذين لا يلزمه الإشهاد عليهم ويصدق في الدفع إليهم، وهذا غير صحيح سواء كان الصباغ بعينه أو بغير عينه يلزمه الإشهاد، ولا يصدق في الدفع إذا جحده، وفي إبراء الدافع بتصديق الصباغ وهو عديم لا ذمة له تأويلان: أحدهما أن الصباغ ضامن لما أقر بقبضه تتبع ذمته في العدم فكان بخلاف المؤتمن، والثاني أن ذلك، على القول بأن الذي يبرأ المأمور بالدفع إذا كان أمينا بتصديق القابض، وإن كان مؤتمنا وادعى التلف، وهو قول ابن القاسم في كتاب الوديعة من المدونة خلاف قول مالك في