كله في مرة واحدة ولا تقدر عليه في مرتين، إذ لم يختلف قوله في أن الحالف بالمشي إذا لم يقدر على أن يمشي الطريق كله في مرة واحدة وقدر عليه في مرتين، أن عليه أن يرجع ثانية لإتمام المشي، ويرى عليه مع ذلك الهدي لتفريق المشي. وأهل المدينة سواه يرون عليه الرجوع ثانية دون الهدي، وأهل مكة يرون عليه الهدي دون الرجوع. ومن أهل العلم من لا يوجب الهدي ولا الرجوع، ومنهم من لا يوجب عليه المشي باليمين ويرى فيه كفارة يمين، ومنهم من لا يرى فيه كفارة ولا شيئا. ومذهب مالك أن ما لزم بالنذر يلزم باليمين. وما ذكره عن مالك من أنه كان لا يرفع بصره إلى امرأة هو الواجب، لقول الله عز وجل:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}[النور: ٣٠] وقد صرف رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجه الفضل إلى الشق الآخر لما أتته امرأة من خثعم تسفتيه وهو راكب خلفه فجعل ينظر إليها وتنظر إليه، وبالله التوفيق.
[بيع الكتاب فيه التوراة والإنجيل]
في بيع الكتاب فيه التوراة والإنجيل وسئل عن الكتاب تكون فيه التوراة أو الإنجيل أترى أن يبيعه من اليهودي أو النصراني؟ قال أصبغ: وكيف يعرف أنه توراة أو إنجيل؟ لا أرى أن يبيعه ولا يأكل ثمنه، ولا يحل لك أن تبيع لهم ذلك.
قال محمد بن رشد: قوله إنه لا يحل له أن يبيع الكتاب الذي فيه التوراة أو الإنجيل من اليهود أو النصارى ولا يأكل ثمنه صحيح بين لا إشكال فيه؛ لأن دين الإسلام ناسخ لجميع الأديان، قال الله عز وجل:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: ٨٥] ،