والقرآن ناسخ لجميع الكتب المنزلة على من تقدم من الأنبياء- عليهم الصلاة السلام- فلا يحل أن يباع شيء منها ممن يعتقد العمل بما فيها ويكذب بالقرآن الناسخ لها، هذا ولو صح أنها توراة أو إنجيل، فكيف ولا يصح ذلك، إذ لا طريق إلى معرفة صحته، بل قد علم بما أعلم الله في محكم كتابه أنهم غيروا وبدلوا. قال الله عز وجل:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}[البقرة: ٧٩] وقد أعلم الله عز وجل اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل بالنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنه مبعوث بنسخ ما تقدم من الشرائع سوى الإيمان والإسلام، قال الله عز وجل:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}[البقرة: ١٤٦] يريد بالنعت الذي نعت لهم في التوراة والأناجيل. وقال عز وجل:{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: ٦] وقال عز وجل: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}[البقرة: ٨٩] عرفوا أنه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نبي بصفته التي وصفه بها لهم في التوراة فبدلوا وغيروا وكفروا. ويروى أنه كان من صفته في التوراة أنه أسمر ربعة، فكتبوا صفته آدم طويل. وقيل: إنهم محوا اسمه منها. فلو آمنوا بالتوراة والإنجيل على ما أنزلا على موسى وعيسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - لكانوا بالنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤمنين، وبالله التوفيق لا شريك له.