ومن كتاب سلعة سماها وسئل مالك عن الرجل يطلق امرأته إلى أجل يسميه، وإن أناسا قد اختلفوا في ذلك، وأن عطاء بن أبي رباح قد كان يقول ذلك، قال مالك: لا قول لعطاء ولا غيره، في أشباه هذه. المدينة دار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونقله الله إليها، وجعلها دار الهجرة، فأما ما ذكر من طلاق الرجل إلى أجل، وأن صاحب ذلك يستمتع بامرأته إلى ذلك الأجل، فإنا لم ندرك أحدا من علماء الناس يقول هذا. وهذا يشبه المتعة التي أرخص فيها من أرخص من أهل مكة وغيرهم، فإذا كان يجوز له أن يطلق امرأته إلى أجل شهر أو شهرين، ثم يصيبها بعد ذلك إلى الأجل، فهو يجوز أن ينكحها على مثل ذلك، ينكحها إلى شهر، ثم هي طالق. فهذه المتعة بعينها.
قال مالك: فإن كان هذا يجوز له، فإنه يجوز له أن يباري امرأته إلى شهر أو سنة، فيقول: آخذ منك هذا، ثم أصيبك إلى سنة ثم قد باريتك بما أخذت منك، ويجوز له أن يقاطع جاريته إلى رأس الهلال، ويقول: أصيبك إلى ما بيني وبين ذلك، ومما هو مثل ذلك، أن يكاتب الرجل جاريته، فيكتب لها الكتابة ويقطع عليها النجوم، ويشترط عليها شروط المكاتب، وعلى أني أصيبك سنة أو شهرا أو شهرين، ثم أنت حرام، فإن كان هذا وما يشبهه من الأشياء، ومن عمل الإسلام، ومما مضى عليه السلف، فقد صدق، وإن كان هذا وما يشبهه من الأشياء التي ذكرت مخالفا لما قالوا، وعلى ذلك مضى العمل، وبه مضت السنة فقد أبطل القوم.
قال محمد بن رشد: قياس قول مالك الطلاق إلى أجل في أن ذلك لا يجوز، على ما نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه من نكاح المتعة، وعلى المسائل التي ذكرها صحيح، لاتفاق المعنى في ذلك على ما ذكر. واستدلاله على صحة ذلك بأن