من سماع أشهب وابن نافع من مالك قال سحنون: قال لي أشهب وابن نافع: سئل مالك: عمن حلف لرجل له عليه حق ليوفينه إلى أجل فلما خشي الحنث ذكر ذلك لرجل، فقال له: لا تخف ائتني العشية أعطيكها، فلما كان العشي جاءه فأبى أن يعطيه شيئا، فقال له: غررتني حتى خفت أن تدخل على الطلاق، أتراه له لازما أن يسلفه؟ فقال: والله ما أرى ذلك لازما له، قال له: أنا أسلفك، فلم يسلف، أنا أعيرك دابتي، فلم يعره، أنا أهب لك فلم يهبه - ما أرى له عليه شيئا ولا أدري كيف هو في ذلك بينه وبين الله، وما هذا من مكارم الأخلاق ولا محاسنها.
قال محمد بن رشد: قد قيل: إنه يلزمه، وهو أظهر؛ لأنه غره ومنعه أن يحتال لنفسه بما يبريه من سلف أو غيره، وقد مضى تحصيل الاختلاف في هذه المسألة في رسم طلق من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته.
[: يستأذن جاره في خشبة يغرزها في جداره فيأذن له ثم يغضبه فيريد أن ينزعها]
ومن كتاب الأقضية وسئل مالك: أترى من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ «لا ضرر ولا ضرار» أن يستأذن الرجل جاره في خشبة يغرزها في جداره فيأذن له ثم يغضبه، فيريد أن ينزعها، فقال: إن كان أذن له فما أرى له أن ينزعها على وجه الضرر؛ لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قال:«لا ضرر ولا ضرار» ، فهذا منه، فأما إن كان احتاج إلى جداره لأمر لم يرد به الغرز، رأيت ذلك للرجل أن يبني في جداره ويرفعه ما بدا له وإن كان في ذلك مضرة على جيرانه؛ لأن الرجل يعمل في حقه ما أحب.