للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البخاري «عَن عبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ قَالَ: شَهدْتُ مِنَ المِقْدَادِ بْنِ الأسْوَدِ مَشْهَدَاً لأنْ أكُونَ صَاحِبَه أحَبًّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ، أتَى النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: لاَ نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْم موسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: ٢٤] وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَشِمَالِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ، قَالَ: فَرأيْتُ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أشْرَق وَجْهُهُ وَسَرَّهُ قولُه» .

[انحياز السرية إلى العسكر]

في انحياز السرية إلى العسكر وسئل مالك: عن القوم يكونون في الغزو فيبعث السرية القليلة نحواً من عشرين أو ثلاثين، فيلقون أضعَافهم من العدو، فيكثرون عليهم، فيريدون أن ينحازوا إلى أصحابهم، أترى لهم في ذلك سَعة؟ قال: نعمٍ. وتأول كتاب الله {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: ٦٦] قيل له: أفترى ذلك واسعاً لهم فيما بينهم وبين ما في القرآن؟ قال: نعم.

قال الإِمام القاضي: هذه مسألة فيها نظر لأنه لم ير لهم سعة في الانحياز إلى أصحابهم، إلا إذا كان الذين لقوا من العدو أكثر من أضعافهم، والذي يدل عليه القرآن، أن للجماعة أن تنحاز إلى فئتها وإن كان العدد الذين لقوا أقل من مثلهم، إذ ليس انحيازهم إلى فئتهم ليكروا ثانية فِراراً. قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [الأنفال: ١٦] الآية، فدل ذلك على أنه ليس بفار من تحيز إلى فئة ليعود، وقد جاء بيان ذلك في السنة، رُوي «عنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>