قال محمد بن رشد: ظاهر قوله أنه حانث، ولا تنفعه نيته، وإن جاء مستفتيا، وهذا على القول بأن اليمين على نية المحلوف له، وأما على القول بأن اليمين على نية الحالف، فتكون له نيته إذا جاء مستفتيا، وكذلك لو قال: امرأتي طالق إن لم أقضك حقك، فلا يقضيه، ويأتي مستفتيا فيقول: إنما أردت امرأة أخرى كانت لي قبل ذلك، لكانت له نيته على القول بأن اليمين على نية الحالف، خلاف ظاهر ما في التخيير والتمليك من المدونة، من أنه لا يُنَوَّى في أنه أراد امرأة أخرى قد كانت له، إذا قال له: امرأتي طالق، كما ينوى إذا قال: فلانة طالق، وعلى هذا الظاهر كان يحمل المسألة جميع من رأيت من الشيوخ، أو سمعت عنه كلاما فيها، أو رأيته له، ومثله في الواضحة، وليس ذلك بصحيح، بل لا فرق بين المسألتين كما ذكرته، وإنما قال في المدونة: إنه لا ينوى إذا قال: امرأتي طالق، ولم تكن عليه بينة، وكان مستفتيا من أجل أنه حلف للسلطان وألغز له، فكانت اليمين على نيته، وقد مضى في أول سماع أشهب تفصيل القول في حكم الملغز باليمين على غيره، فلا معنى لإعادته، ولو كان الذي حلف لغريمه ليقضينه حقه بطلاق غزيل قد حضرته نيته، فادعى أنه أراد جارية له لم يصدق باتفاق، ولو قال: غزيل طالق من غير أن يحلف لأحد، وأتى مستفتيا لنوي باتفاق.
فوجه ينوي فيه باتفاق، ووجه لا ينوى فيه باتفاق، ووجه يختلف في تنويته، ولا فرق في شيء من ذلك كله بين أن يقول: امرأتي طالق، أو فلانة طالق على ما ذكرناه وبيناه، وبالله تعالى التوفيق.
[مسألة: حلف بالطلاق ليقضينه حقه إلى رمضان ثم سأله التأخير لرمضان آخر]
مسألة قلت له: فالرجل يحلف بالطلاق ليقضينه حقه إلى رمضان، وقد كان سأل الغريم صاحب الحق أن يؤخره إلى رمضان من عام آخر.