أنه قال ثلاثا البتة، والثلاث لا تغني مع البتة قدم الثلاث أو أخرها، والبتة حرف واحد لا يتبعض ولا يفترق.
فإن كان قال لها: أنت طالق ثلاثا، ثم قال للثانية: أنت شريكتها، ثم قال للثالثة: أنت شريكتهما، كانت الأولى منه بائنة بثلاث، وكانت الثانية تبين منه باثنتين، وتكون عنده على طلقة تبقى له، وكانت الثالثة تبين منه بثلاث أيضا؛ لأنها شريكة الأولى بواحدة ونصف، فصارت اثنتين، وشركت الثانية بواحدة فصارت ثلاثا.
قال محمد بن رشد: بنى أصبغ جوابه في هذه المسألة على اعتبار ما يحصل لكل واحدة منهن بالقيمة من عدد الطلاق الذي شرك بينهن فيه، على ما قال في المدونة: إذا قال لأربع نسوة له: بينكن أربع تطليقات بدون أن يقع على كل واحد منهن طلقة طلقة، وإذا قال لهن: بينكن خمس تطليقات فأكثر إلى الثمان، وقع على كل واحدة منهن تطليقتان، وإن قال: بينكن تسع تطليقات أو أكثر، وقع على كل واحدة منهن ثَلاث ثلاث، وقد قيل: إنه يقع على كل واحدة منهن في هذه المسألة ثلاث ثلَاث، وكذلك لو قال لأربع نسوة له: قد شركت بينكن في تطليقتين؛ لوقع على كل واحدة منهن طلقتان طلقتان، ولو قال: قد شركت بينكن في ثلاث تطليقات فأكثر؛ لوقع على كل واحدة منهن ثلاث ثلَاث؛ لأن كل واحدة منهن يحصل لها بحكم الشركة من كل طلقة، فيجبر عليها، بخلاف مسألة المدونة؛ لأنه لما قال بينكن كذا وكذا من عدد الطلاق، ولم يقل: إنهن في ذلك أشراك، حمل على أنه إنما أراد أن يكون ذلك بينهن على ما يحصل لكل واحدة منهن من عدد الطلاق إذا قسم بينهن، وهذا الاختلاف على اختلافهم، فيمن صرف دنانير بدراهم، فوجد في الدراهم درهما زائفا، هل ينتقض صرف الدنانير كلها، أو صرف واحد، وقد مضى في سماع عبد الملك ذكر الاختلاف في تبعيض البتة، فلا وجه لإعادة ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: خرجت امرأته فحلف بالطلاق ألا يبعث في ردها فبعث إلى ولده فأخذه]
مسألة وسئل عن رجل خرجت امرأته إلى منزل أهلها، فحلف