[مسألة: امرأة تزوجها رجل فأسكنها مع أبيه وأمه فشكت الضرر في ذلك]
مسألة وسئل مالك عن امرأة تزوجها رجل فأسكنها مع أبيه وأمه فشكت الضرر في ذلك فقال: ذلك له أن يسكنها معهم، فقيل له: فإنه يقول: إن أبي أعمى، ولا أغلق دوني ودونه بابا، قال: ينظر في ذلك فإن رئي ضرر، كأنه يقول: إن رئي ضرر أن يحولها عن حالها.
قال محمد بن رشد: وكذلك ليس له أن يسكن معها أولادا له من امرأة أخرى في بيت واحد ولا في دار واحدة، إلا أن ترضى بذلك، قاله في سماع سحنون من كتاب طلاق السنة، وذلك لما عليها في ذلك من الضرر لاطلاعهم على أمرها وما تريد أن تستر به عنهم من شأنها، وأمر الأعمى أخف في ذلك؛ إذ لا يبصر شيئا من أمورها، وقد «قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت قيس: اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك» فأوقف مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أمر الأعمى على النظر وحمله على غير الضرر حتى تثبت المرأة أنه يضر بها لأن قوله: فإن رئي ضرر، معناه: فإن ظهر ذلك وثبت وعلم، والله أعلم.
وقال ابن الماجشون في المرأة تكون هي وأهل زوجها في دار واحدة، فتقول: إن أهلك يؤذونني فأخرجهم عني، أو أخرج عنهم: رب امرأة لا يكون ذلك لها يكون صداقها قليلا وتكون وضيعة القدر، ولعله أن يكون على ذلك تزوجها وفي المنزل سعة، فأما ذات القدر واليسار فلا بد له أن يعزلها، وإن حلف ألا يعزلها حمل على الحق، أبره ذلك أو أحنثه، وليس قول ابن الماجشون عندي بخلاف لمذهب مالك، فمن لا يشبه حالها من النساء أن يسكنها زوجها في دار على حدة وله أن يسكنها في دار جملة فليس لها على زوجها أن يخرج أبويه عنها إلا أن يثبت إضرارهما بها، وستأتي في رسم الطلاق من سماع أشهب من هذا المعنى، والله الموفق.