وودى الغائب النصف، وذلك إذا رضي الطالب بذلك. هذا نص رواية ابن وهب عن مالك في هذه المسألة، وفي قوله فيها: يوقف حق الطالب من مال الميت نظر؛ لأن الذي يوجبه النظر ويقتضيه القياس، أن يأخذ نصف حقه معجلا، وهو الذي يجب له على الميت في خاصة نفسه، ويوقف النصف الثاني، وهو الذي يجب عليه بالضمان، حتى يحل الأجل، فإذا حل قبضه إن لم يأت الغائب، فإن أتى رد ما وقف على الورثة، وودى ذلك الغائب وقوله. وذلك إذا رضي بذلك الطالب صحيح، إذ من حقه أن يأخذ ما وقف له، إذا حل الأجل، وإن أتى الغائب وكان مليا، لشرطه أن يأخذ أيهما شاء بحقه. وقوله في الرواية: ولو أن الميت لم يكن له مال، فأراد صاحب الحق أن يأخذ من الباقي حصة الذي مات، لم يكن ذلك له، حتى يحل حقه، هو نص ما في المدونة من أن الكفيل، لا يحق عليه الحق بموت المتكفل به المطلوب، ولا اختلاف في هذا أحفظه، وإنما الاختلاف هل يحل على الرجل بموته ما عليه من الكفالة الموجبة؟ حسبما ذكرناه وقوله في آخر المسألة: وليس لورثة الميت أن يأخذوا منه شيئا حتى يحل أجله، راجع إلى قوله في المسألة الأولى: ويتبع الورثة الآخر بما عليه، فلو اتصل به لاستقام الكلام، وارتفع الإشكال. وبالله تعالى التوفيق.
[كانت له عند رجل مائة درهم فسأله أن ينظره ويتحمل له بها حميل]
من سماع أشهب وابن نافع
رواية سحنون من كتاب أوله بيع ثم كراء قال سحنون: سمعت أشهب وابن نافع يقولان: سئل مالك عمن كانت له عند رجل مائة درهم، فسأله أن ينظره ويتحمل له بها حميل. قال: لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: معناه: إذا كان مليا والوجه في جواز ذلك أنه لو شاء أخذ حقه منه معجلا، فإذا أخذه على أن يتحمل له به حميل، أو يعطيه