صح صحة بينة معروفة، وقد كتب بالذي أوصى به كتابا فأقره حين صح، ثم مرض بعد ذلك، فمات من مرضه الآخر؛ أيلزم الورثة ما أحازوا له في وصيته التي صح بعدها أم لا؟ فقال: لا يلزمهم إنفاذه؛ لأنه قد صح صحة بينة، وملك القضاء في جميع ماله، واستغنى عن استيذانهم، فإذا حدث به مرض بعد صحة قد ملك فيها القضاء في جميع ماله، فعليه استيذانهم أيضا، وإلا فقد سقط عنهم ما كانوا أذنوا فيه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأنه إذا صح بعد أن استأذنهم فهو بمنزلة إذا أذنوا له، وهو صحيح كمن أقر في مرضه لمن لا يجوز له إقراره في المرض، ثم صح بعد ذلك؛ أن إقراره يلزمه. وقال ابن كنانة بعد أن يحلفوا ما سكتوا إلا عن غير رضا ولا يلزمهم ذلك، وهو بعيد، وبالله التوفيق.
[مسألة: يوصي فيقول اشتروا أخي بكذا وكذا ولا يقول أعتقوه]
مسألة قال: وسألته عن الرجل يوصي فيقول: اشتروا أخي بكذا وكذا، ولا يقول: أعتقوه عني، غير أنه أمر بشرائه أو بشراء بعض من إذا ملكه في حياته عتق عليه، أترى ما أمر به من اشترائه يوجب له العتاقة؟ قال: نعم، يشترى ويعتق عليه، وذلك إن وجه ما يريد الموصي بمثل هذا، عتاقة الذي يوصي باشترائه. قلت: أرأيت إن لم يبعه سيده بالذي نص الموصي أن يشترى به؟ فقال: يتربص به وينتظر، لعله أن يبدوا له فيه. قلت: وترى انتظاره السنة تجزي؟ قال: ذلك ونحوه وأكثر أحب إلي. قلت: فإن أيسر منه أيستحب أن يوضع ذلك الثمن في عتاقة؟ قال: لا أرى ذلك على الورثة، إن شاءوا فعلوا، وإن كرهوا فهم أحق بذلك الثمن ميراثا لهم.