قال محمد بن رشد: إنما حذر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من اتباع الهوى لقوله عز وجل:{وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}[النازعات: ٤٠]{فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات: ٤١] والزيغ البعيد هو الِإغراق في القياس، والغلو في الدِّين، وكلاهما مذمومان، لأنك لا تكاد تجد الِإغراق في القياس إلا مخالفاً للسنة، والغلو في الدِّين منهي عنه. قال عز وجل:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ}[المائدة: ٧٧] وبالله التوفيق.
[حكاية بينة في المعنى ليس فيها ما يخفى]
قال مالك: بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال: إني لست متبوعاً ولكن متَّبِعاً، ولست بقاض ولكن منفَذ، ولست بخير من أحدكم ولكنَي مِن أثقَلِكم حملاً. قال مالك: ورفعوه إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال: " مَنْ «أحْدَثَ في المدينَةِ أوْ أَوَى مُحْدِثاَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالُمَلاَئِكَةِ والنَّاس أجْمَعِينَ» . قال مالك: يريد من عمل بمعاصي الله، أو أوى أهل المعاصي في رأي. قال مالك: بلغني أن المِسْوَر بن مخرمة، دخل على مروان، فجلس معه. قال: فسأله مروان عن شيء، أو ابتدأَهُ به المسور فقال له: بئس ما قلت، فركضه مروانُ برجله، قال: فخرج المسور، قال: ثم إن مروان نام فأتِيَ في المنام، فقيل له: ما لك وللمسور؟ {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا}[الإسراء: ٨٤] ، قال