ومنهم من قال قاله لها ابنها عيسى: صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه - بدليل قوله:{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِي}[مريم: ٢٤] الكلام إلى آخره، لأن رجوع الفاعل المضمر من فناداها إلى أقرب مذكور في الآية وهو عيسى أظهر من رجوعه إلى الملك الذي هو أبعد مذكور منه فيها. وهذا على قراءة من قرأ فناداها من تحتها بالخفض في الحرفين جميعا، وأما على قراءة من قرأ من تحتها بالفتح في الحرفين جميعا فلا إضمار في الكلام، والمنادي عيسى ابن مريم بلا احتمال، وبالله التوفيق. لا شريك له.
[الاحتباء في صلاة النافلة]
في الاحتباء في صلاة النافلة قال مالك: بلغني عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب أنهما كانا يصليان محتبئين، يريد في النوافل.
قال محمد بن رشد: إلى هذا ذهب مالك فقال: لا بأس أن يصلي الرجل محتبئا في النافلة، وإن كان الاختيار عنده لمن صلى فيها جالسا أن يصلي متربعا كما يصلي في الفريضة إذا لم يقدر على القيام فيها، خلاف ما ذهب إليه زفر من أن جلوسه في موضع القيام كجلوسه في التشهد.
والذي ذهب إليه مالك أولى لوجهين: أحدهما: أن يفرق بين جلوسه في موضع الجلوس وبين جلوسه في موضع القيام، كما يفرق بين إيمائه للركوع وإيمائه للسجود بأن يجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه للركوع؛ والثاني: ما روي «عن عائشة أنها قالت: رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى متربعا» وما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من أنه قال: «صلاة القاعد على