الرهن لا يكون شاهدا إلا على نفسه، خلاف قول عيسى بن دينار وقول سحنون في سماع ابن القاسم، وقول ابن القاسم في أول رسم العرية، من سماع عيسى إن الراهن مخير بين أن يفتك الرهن بقيمته، أو يتركه بما فيه، وخلاف ظاهر ما في المدونة، وما في أول سماع ابن القاسم من قول مالك: إن الراهن يلزمه أن يفتك الرهن بقيمته، فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها قول مالك: إن الراهن يلزمه افتكاك الرهن بقيمته، والثاني: إنه مخير بين أن يكون يفتكه بقيمته، أو يسلمه، وهو قول سحنون وعيسى بن دينار وروايته عن ابن القاسم. والثالث إنه مخير بين أن يفتكه بما حلف عليه المرتهن، أو يسلمه، وكلا هذين القولين: الثاني والثالث، قد تؤولا على ما في الموطأ. وأما قول أصبغ: إن القول قول الراهن فيما رهن فيه الرهن، إذا وضع بيد أمين، فهو دليل ما في الموطأ خلاف المشهور في المذهب الذي تدل عليه ظواهر الروايات في المدونة وغيرها. وقد نص على ذلك ابن المواز في كتابه فقال: إن القول فيه قول المرتهن، وإن وضع بيد أمين. وحكى ذلك إسماعيل القاضي عن مالك في أحكام القرآن. وهو القياس، إذ لا فرق في كونه دليلا على صدق المرتهن، بين أن يكون في يديه، أو على يدي عدل، ويلزم على قياس قول أصبغ أن يكون من حق المرتهن الرهن، أن يكون على يديه، ليكون له شاهدا وإن كره ذلك الراهن، خلاف ما مضى في رسم الرهون من سماع عيسى. وبالله التوفيق.
[مسألة: يرهن الرجل أمته ولها ولد صغير]
مسألة قال يحيى: قال ابن القاسم: وسمعت مالكا كره أن يرهن الرجل أمته ولها ولد صغير، لا يجوز له أن يفرق بينهما، وينهى عن ذلك. قال يحيى: وسألت عنه ابن وهب فلم ير به بأسا.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول على هذه المسألة مستوفى في رسم شك في طوافه الثاني من سماع ابن القاسم، وفي رسم الأقضية الثالث