المائة التي يزعمان أنه غصبها معهما، قلت: وكيف يجوز بعض الشهادة ويبطل بعض؟ قال: هو بمنزلة امرأتين شهدتا في وصية رجل بوصايا وعتق، فأجيز شهادتهما في الوصية، وأبطلها في العتق.
قال الإمام القاضي: لسحنون في كتاب ابنه أنه لا تجوز شهادتهما في المائة ولا لأنفسهما، وهو الأظهر؛ لأن شهادتهما على غصب المعتق لهما إنما لم تجز من أجل أنهما يتهمان على أنهما أرادا إرقاق أنفسهما، والشهادة إذا رد بعضهما للتهمة ردت كلها بخلاف إذا رد بعضها للسنة، فساوى أصبغ في هذا بين أن يرد بعضها للتهمة، أو للسنة في أنه يجوز من الشهادة التي فيها التهمة ما لا تهمة فيه، كما يجوز من الشهادة التي فيها ما لا يجوز في السنة ما يجوز فيها، وقد قيل: إن الشهادة إذا رد بعضها للسنة ردت كلها، فالمشهور إذا رد بعض الشهادة للتهمة أن ترد كلها، وقد قيل: إنه يرد منها ما لا تهمة فيه، وهو قول أصبغ هذا، والمشهور إذا رد بعض الشهادة للسنة أن يجوز منها ما أجازته السنة، وقد قيل: إنها ترد كلها، وذلك قائم من المدونة، من قوله في شهادة النساء للوصي: إن الميت أوصى إليه أن شهادتهن لا تجوز إن كان فيها عتق وأبضاع النساء، وكذلك المشهور في المذهب أيضا أن الشهادة إذا رد بعضها لانفراد الشاهد بها دون غيره؛ أنها تجوز فيما تصح فيه شهادة الشاهد الواحد، وتبطل فيما لا يصح إلا بشهادة شاهدين، مثال ذلك: أن يشهد الرجل على وصية رجل وفيها عتق ووصايا لقوم، فإن الموصى لهم بالمال يحلفون مع شهادة الشاهد، وتكون وصاياهم فيما بعد قيمة المعتق، وقد قيل: إن الشهادة كلها مردودة، حكى ذلك السدي عن أشهب وجميع جلسائه، وأما إذا لم يأت الشاهد بالشهادة على وجهها، وسقط عن حفظ بعضها؛ فإنها تسقط كلها بإجماع، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهد لابنه ولأجنبي بحق على رجل فدفع الغريم الحق حين شهد الأب]
مسألة وسئل عن رجل شهد لابنه ولأجنبي بحق على رجل، فدفع