أن يعلم بذلك فيسكت، ولا يقوم برد رهنه إلى حوزه؛ لأنه لم ير رهن الراهن الرهن من الثاني بعد أن كان رهنه الأول. وحوزه إياه إبطالا لرهنه، إذ لم يعلم بذلك، فجعله أحق برهنه إلى مبلغ حقه، وجعل للثاني ما فضل منه عن حقه؛ لأنه قد حازه لنفسه، بمنزلة من ارتهن رهنا فحازه ثم استحق منه بعضه، ولا يلزم ابن القاسم ما اعترض به عليه عيسى؛ لأنه إنما احتيج إلى علم المرتهن الأول في رهن فضلة الرهن، فيكون حائزا له إياها، لا لنفسه، وفي مسألة المرتهن الثاني قد حازها لنفسه، إذ حاز جميع الرهن، فلو علم الأول بذلك وأذن فيه لبطل رهنه جملة، وكان الثاني أحق بجميعه. وقوله: إن الاشتراء يمضي عليه صحيح؛ لأنه بيع وقع بحكم حاكم على صاحب الدار الراهن، ولم يستحق المرتهن الأول من رقبة الدار شيئا، فيفسخ البيع فيه، وإنما استحق ارتهان الدار في حقه، فيكون أحق بثمنها الذي بيعت به حتى يستوفي حقه، ويكون للآخر ما فضل عنه. وبالله - تعالى - التوفيق. اللهم لطفك يا مولاي.
[أخذ سوارين لامرأته من غير أمرها فرهنهما]
ومن كتاب إن خرجت من هذه الدار وسئل عن رجل أخذ سوارين لامرأته من غير أمرها، فرهنهما، فافتقدت المرأة سواريها، فقال لها زوجها: أنا أخذتهما ورهنتهما، وسأفتكهما، فأقامت زمانا تنتظر افتكاكهما، فلما طال ذلك عليها، تعلقت بسواريها عند المرتهن، قال: إن قامت بحدثان ما علمت، بذلك، فذلك لها، وتحلف بالله ما دفعتهما إليه، ولا علمت بأمرهما حتى افتقدتهما، وإن تطاول ذلك بعد علمها بذلك، فلا شيء لها.
قال محمد بن رشد: قوله في هذه المسألة: فأقامت زمانا تنتظر